مَا من امر اقبح من ان يخُون المرء ذَاته 

ذَات صبَاح، بكيتُ وحدِي 

حِين ابصرتُ كلمَات خطهَا رجل

اجمعت كل القلوب التِي احبتتهَا على حبه

"إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة"

غسَان….

وتعددت اشكال الخِيَانة 

خِيَانة الوطن

خِيَانة الامَانة 

خِيَانة العشِير 

خِيَانة الأهل 

والى ما لا نِهَاية 

وأدنى الخياناتِ قدراً، وأشدها إيلاماً

خيانةُ المرءِ لنفسه 

إذ هي أصلُ كل خِيَانة ومبعثُ كل دناءة

وخيانة الذَات تتشعبُ بتشعبِ مبادئِ صاحبها

وتذلّه في لحظةِ ضعف أمام هواه

وقد كَان هناك رجل عظيم النفس، أصيل السجية

أعرضت عنه الدنيا بما حوت

فأبى إلا أن يكون مرفوعَ الرأس نقيَّ السريرة

قيلَ له مرة،ستنالُ ما لم تحلم به إن أنت أذعنتَ للخيانة

 ولكنه رفض، ووقف كالطودِ الشامخ

 زاهداً في متاعِ الدنيا إن كان ثمنهُ الكرامة

فأحببتُهُ حباً صادقاً منذ صبَاي

وكلما خطرت لي ذكراهُ، فاضت عيناي دمعاً

إذ إن أمثالهُ لا يموتون، بل تبقى أرواحهم خالدةً في سماءِ العزة، تتلألأُ كالكواكبِ الدراري

الخِيَانة هي النزعة الشيطَانِية في كيَان الخلق

فعلى السطحِ تكون التخلِي عمن أودعك روحه

فِي سبِيل المصلحة أو الرغبة

الحُب خِيَانة

قَالها لِي مرة

وانقلبَ ليلُ عيني إلى سهَر تلك الليلة

لم يذق النَوم اجفَاني ولو لثَانية

كيفَ يخونُ المرءُ نفسَهُ حين يُحب؟

أَيكونُ الحبُّ طعنة مسمُومة

 يُوجِّهها المرءُ إلى أعماقِ روحه

قضيتُ ليلي ذاك في مجاهلِ الفكر

أُحاورُ نفسي وأُجادلُها، أأَخطأتُ إذ أحببتُ؟ 

أم أنَّ الحبَّ أسمى من أن يُقاس بمقاييسِ الخيانة؟ 

وكيفَ لخيانةِ النفسِ أن تُثمرَ جمالاً كالحب؟

وهل الحبُ جمَال أصلًا؟

فالمُرَاهِقة النَائمة فيّ تجده امر "محرج وسخِيف"

إذن لعلَّ المرءَ حين يُحب

يخونُ وحدتَهُ التي استأنس بها

ويهجرُ قوقعتهُ التي احتمى فيها

ويخطو إلى دنيا الآخر 

فإن كانت الخيانةُ انفصالاً عن الذاتِ لصالحِ الآخر

فالحبُّ هو انفصالُ نبيل

خيَانةُ طاهرة

فالخيَانة اصلها ان تقع العينِين على كل نَاحِية

لكنَ خِيَانة الذَات ليست فِي الحُب وحده

لأن ذَاك ما يراهُ "هو" وحسب 

واني ارى خيانةُ الذاتِ هي الأدهى والأمَرّ

لأنها انصرافُ المرءِ عن كنهه

وتنكُّره لنبضاتِ روحِه التي خُلِقَ بها

خيانةُ الذات ليست سوى انفصامٍ بينَ الإنسانِ وحقيقته

حين يُخادعُ قلبَه ويُغالطُ فِكره

يَهوِي في مهاوي الضَّياعِ وهو يظنُّ أنَّه بذلكَ يَنجو

هي لحظةُ ضعفٍ يُساوِمُ فيها الإنسانُ على كرامتِه،يبيعُ فيها عُنفوانَ روحه بثمنٍ بخسٍ 

من متاعِ الدنيا، أو رضا مؤقت زائل

 كل خيانةٍ تبدأُ من خيانةِ الذات

فحينَ يتخلَّى الإنسانُ عن مبدئِه أو يسترخصُ قيمتَه

يُمهِّدُ الطريقَ لكلِّ خيانةٍ تليها

ومبتدأ خِيَانة الذَات هو ان يكونَ لك عقل حُر

لا تسوره قيُود ولا تحكمه قوَانِين

لا سلطَان على أي كائن عليه سِواكَ

أنت حَاكمه 

لكِنك تُسلمه، ليُفكَر احدهم نيَابة عنك

وما النقصُ الأفظعُ إلا أن يُعطِّلَ المرءُ جوهرَ عقله، فيُسلِّمَه لغيره

فينطفئ نورُه ويضيعُ في متاهاتِ غيرِه

العقلُ هو الحريةُ الباطنة

سراجٌ لا ينطفئ إلا إذا أسلمه صاحبه ليدٍ لا تدركُ بواطنَه

فتلك هي خيانةُ الذاتِ الكبرى

أن ينكرَ الإنسانُ صوته ويُذعنَ لأهواءِ غيره

خيانةُ الذَات هي خيانةُ كلِّ شيء

إذ بها يُسلمُ المرءُ نفسه للضياع

فيسيرُ في ظلماتِ التبعية

لا يرى سبيلاً للخلاصِ إلا حينَ يفقدُ المفتاحَ بيده

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العِشْقُ ومدَائِن الصَمت

لِما العُزلة؟